مقارنة بين الزهد في الإسلام والهندوسية



مقارنة بين
 الزهد في الإسلام والهندوسية
                      بالولي  الطاف الوافي



بسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على أشرف رسل الله، وعلى آله وصحبه الفائزين برضا الله، أما بعد.
فإن التصوف هو روح الأديان وجوهرها، ومن فروعه الزهد، فهو أول قدم القاصدين إلى الله، ومقام مهم من مقامات السالكين الى الله عز وجل. والزهد لغة: الإغراض عن الشيء احتقار اله، وطرد الأشياء إهانة وتركها[1].

الزهد في الإسلام
هو الرغبة عن الدنيا وتفريغ القلب من حبها وشهواتها، والميل إلى الآخرة والتوجه إلى الله وحده جل وعلى، وإمتلاء القلب بحب الله تعلى ومعرفته. وقال الإمام الغزالى رحمه الله: إن الزهد هو عبارة عن انصراف الرغبة عن الشيء إلى ما هو خير منه، وترك المباحات التي هي حظ النفس ولا يشترط في زهد الإسلام فراغ القلب من الدنيا[2]، كما قال صلى الله عليه وسلم: ليس  الزهد بتحريم الحلال، ولا إضاعة المال ولكن الزهد أن تكون بما في يد الله أوثق بما في يدك.
وإن الآيات والأحاديث وأقوال العلماء الزهاد تشير إلى أهميات الزهد وفضائله، فقال تعالى﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ وقال ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ وقال صلى الله عليه وسلم :" ‘إذا رأيتم العبد وقد أعطى صمتا وزهدا في الدنيا فاقتربوا منه فإنه يلقى الحكمة[3]"
نفى بعضهم وجود الزهد في الإسلام نفيا قاطعا وادعى بأنه ليس لها أصل ولا نقل، فلو رجع هؤلاء المنكرون إلى أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لوجدوا أنه عليه الصلاة والسلام يدعو إلى الزهد صراحة، جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله دلّني على عمل إذا عملته أحبني الله واحبني الناس قال له: ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما في أيدي الناس، يحبك الناس[4]".
الزهد فيما هو من ضروريات الحياة ينقسم إلى أمور متنوعة لا تنحصر عددها فالمهمات ستة أمور: المطعم، والملبس، المسكن وأثاثه، والمنكح، والمال. وتبين العلماء علامة الزهد وهي ثلاثة: العلامة الأولى: أن لا يفرح بموجود ولا يحزن على مفقود، العلامة الثانية: أن يستوي عنده من يمدح ومن يذمه، العلامة الثالثة: أن يكون أنيسا بالله تعلى.
وقد لفّتت السادة الصوفية الأذهان إلى أمور تساعد على التحقق بمقام الزهد، منها: العلم بأن الدنيا ظل زائل وخيال زائر، والرحيل منها إلى دار البقاء، العلم بأن وراءها دارا أعظم منها قدرا، العلم بأن زهد المؤمنين في الدنيا لا يمنعهم شيئا كتب لهم. وللزهد ثمرات مديدة منها: الإيثار والفتوة وتصفية القلب وإشراح الصدور والإلهام وتلقية الحكمة.

الزهد في الهندوسية:
ليس الزهد في الهندوسية "البرهما جاري"، اي: البعد من حياة الزوجية فقط، كما يظن جمهور من الناس زاعمين لها، ولكن أنها مرحلة من مراحل الحياة فقط، فيستعمل لفظ سانياسي(Sanniasy) في سنسكرت (Sanskrit) بمعنى الزاهد: هو الذي يتخلى من الدنيا تدريجا وما فيها طوال الحياة عاملا افعالا خاصة ومتبعا قواعدا معينة بما علمن الأسفار الهندوسية[5]، مثل الرغبة عن الثروة وما إلى ذلك حتى يصبح واحدا من الذين ترك الحياة الدنيوية. إن هدف سانياسي الهندوسية هو موكشا أي التحرير من الأوصاف البشرية والإلتجاء في الله.

يختلف نظام زهد الهندوسية  حسب مراحل الحياة:
المرحلة الأولى: أن يبدأ الطريق بأن يكون "براهما شاري" هذه مرحلة الدراسة، وعليه أن يلتزم التقوى ويواصل الدرس، وأن يكون صادقا، خدوما " لشيخه".
المرحلة الثانية: ينسحب الطامع في القداسة مع زوجته ليعيش ك"فانا براستا" أي ساكن الغابات، فيتقبل عسر الحياة مطئنا راضيا.
المرحلة الثالثة: " سانياسي" أي "الهاجر" للعلم، مستغنيا عن جميع أملاكه و أمواله وكل ما يربطه بغيره من علاقات فردية، فلا يحتفظ إلا بجلد وعل يغطى به جسده وعكازة يتوكأ عليها، وقرعة ماء لظمئه[6].
وسائل الزهد:
للزهد في رأي اسفار الهندوسية أربع وسائل:
فالأولى: "جنانا- يوغا" أي طريق التأمل، أن سبب تعلق القلب بالدنيا هو الجهل فخلاصها إذا بالعلم فهذا مراد بجنانا يوغا.
الثانية: "كارما- يوغا" أي طريق العمل.
طريق العمل والتفكير والرغبة التي تؤدي الإنسان إلى عمل يعمل وفق واجبه
الثالثة: بهاكتي يوغا أي طريق الحب والإيمان فيه، ويستلسم إلى الله وهي طريق أسهل للشخص الذي لم يتناول سائر انواع لليوغا.
الرابعة: "راجا يوغا" أي طريق الملك: وهي أصعب انواع اليوغا وأشهرها البحث والتفكير والتركيز والتأمل أو البصيرة.

مقارنة  بين الزهد في الإسلام والهندوسية
أقر دينان في تعريف الزهد هو الرغبة عن الدنيا وتفريغ القلب من حبها  وشهواتها واحتقار اهمتها وفراغ القلب من الشغل بها، وامتلاء القلب بحب الله تعالى ومعرفته. ولكن اختلف  في شرط الزهد فشرط الهندوسية ترك الدنيا كلها حتى تفرغ يده من المال كله ويلبس لباسا  مرقعا وحدد الزهد على طائفة من الهندوسية هم البراهميون ومن الذي استسلم نظام ابنيم ولا زهد للمنبوذين المرذلين في الهندوسية.
واتفقا ايضا على اهداف الزهد هي احتقار الدنيا واختار الأخرة وامتلاء القلب بحب الله تعالى ومعرقته والرجاء به حب الله تعالى ورضاه.
ومن الأمر المهم أن الزهد في الطعام هو أساس الزهد وطريق وصول الى الله تعالى، لأن معظم مشكلات قد بدا بشهوات الأنفس واتباع الهوى ولذلك قد اهتم الأديان والزهد على قلة الأكل والشرب وترك طعام ما يلتذ به،
إن الزي علامة وإشارة إلى تلك الثقافة التي نحن فيها، ولذلك قد استشار الأديان إلى كيفية الزي وكمية اللباس وقيمتها لرياضة لأن لا يدخل الدنيا في قلب ولكن يأكد الإسلام بأنه ليست أية فائدة بمجرد لباس الصوف وقلبه متعلق بالدنيا وشهواتها.
ليس ترك النكاح من أمور الزهد وفقا لمنظور الإسلام ولكن الزهد فيه بنكاح اليتيمة والضعيفة ولا ينكح الزاهد لما ينكح أنباء الدنيا لمالها ولنسبها ولجمالها فهذه من رغبات الدنيوية. ولكن في الهندوسية قد ذممن النكاح حتى أن فيهم فريقا قد سمون ببراهما جاري.
ينبغي الزهد في الإسلام طوال مراحل الحياة كما أشار إليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ازهد في الدنيا يحبك الله وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس". ولكن في الهندوسية ينحصر الزهد لفرقة خاصة. ولا يزهد في المرحلة الثانية وهي جرها ستاشرما(Graha sthashrama)  وايضا لكل مرحلة نظام خاصة ومناسك معينة. ومن المهم أن الإسلام والهندوسية يتفق على اصل الزهد يختلف في جزئياتها.
أن الموافقات بين زهد الإسلام والهندوسية في أصله وأهداف وثمراته تشير إلى أن هذه الأديان من اله واحد كما قال تعالى: ﴿ كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ  ولكن اختلف القوم مع مرور الزمان وانحرف الحق. وظهرت المخالفات في طريقته ومراحله واهله، هذا يشير إلى انحرافات الكتب والأسفار كما قال تعالى:﴿ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ ﴾. فإن نساهل أن ندعوهم إلى ما قاله الله: ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ .




[1] المعجم الوسيط- ص 402
[2] الإمام ابو حامد محمد بن محمد الغزالي، إحياء علوم الدين، 4/ 185
[3] رواه ابن ماجة
[4] ابن ماجه في كتاب الزهد
[5] سانياسا أبنشت فصل1 ش 1
[6] تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل او مرذولة لابي الريحان محمد بن أحمد البيروني ج/1 ص 31
Previous
Next Post »

2 അഭിപ്രായ(ങ്ങള്‍)

Click here for അഭിപ്രായ(ങ്ങള്‍)
Unknown
admin
5 December 2015 at 12:39 ×

can you please read the calligraphy in this post(sufi)?

Reply
avatar
4 February 2016 at 19:50 ×

no, it is only comparative study between Hinduism and Islam, thank you for your response

Reply
avatar